Sunday, August 28, 2011

الآلهة لا تعرف العشق



غلطتها كانت أنها أحبته كما لم تحب امرأة لأنه لم يكن كما الرجال، أرادته أن يكون شمسها، لتبتهج بإشراقته كل صباح، لتدور حوله كما تدور الأرض في مدارٍ ثابت لا يتغير أبداً عبر حبل الجاذبية الوهمي الذي يربطهما، لتعكس نوره وتستمد منه الدفء كما يستمد أهل الأرض سر الحياة من الشمس، لكنه لم يكن سوى قمر، يدور في فلك آخر حول كوكب آخر، أو ربما حول نفسه! 

هو رجل يشبه في وسامته، وتألق طلته، وبهاء روحه آلهة الرومان، كانت تسميه "ابن الآلهة" لأنها كانت وما زالت تعتقد أنه يحمل بعضاً من جينات الآلهة، وتلك هي ميزته الكبيرة وعيبه الأكبر، فالآلهة لا تفهم الحب كما نفهمه نحن، حين نحب نحن البشر يزداد احتياجنا للتواصل، للذوبان في تفاصيل من نحب حتى نصبح وهم كياناً واحداً، كياناً واحداً في كل شيء، وحينها فقط نشعر بالاكتمال – أو في رواية أخرى العشق. أما الآلهة فهي غير مؤهلة لممارسة فعل الحب وتبادله بالطريقة التي نفهمها نحن، فهم منزهون عن الاحتياج، هم مكتملين تماماً ولا يحتاجون لملأ فراغهم الروحي بشخص أو شيء آخر، لأنه ليس لديهم ذلك الفراغ أصلاً، فهو صفة بشرية بحتة. ولأنها لم تكن تفهم هذا الفرق المهم بين الآلهة والبشر من البداية، فقد وقعت في الحب لدرجة أصبح من المستحيل عليها التراجع عنه. 

لهذا فقد قررت بكامل إرادتها وقواها العقلية وإعزازاً لنفسها، أن تنصرف لممارسة حياتها بشكل طبيعي، في حين تتوقف عن حبه بطريقتها، حيث ستدرس فن التصوف، لتغزل له أشعاراً لا يسمعها أحد سواها، ولتسهر الليل الطويل تناجيه حباً دون أن تنتظر منه رد، ستحتفظ له بنفس المحراب الذي كان يسكنه في قلبها، ولكن دون أن يكون هو فيه، ويكفيها من كل ذلك صدفة قد تجمعهما تستمتع فيها بلذة النظر إلى وجهه الكريم.