Sunday, August 10, 2008

ومات محمود درويش - واحد من أروع من كتبوا الشعر العربي


محمود درويش

يحبّونني ميتاً



يُحبُّونَني مَيِّتاً لِيَقُولُوا: لَقَدْ كَان مِنَّا, وَكَانَ لَنَا


سَمِعْتُ الخُطَى ذَاتَهَا, مُنْذُ عِشرينَ عَاماً تدقُّ


عَلَى حَائِطِ اللَّيْلِ


تَأتِي وَلاَ تَفْتَحُ البَابَ


لَكِنَّهَا تَدْخُلُ الآن


يَخْرُجُ مِنْهَا الثَّلاَثَةُ: شَاعِرٌ, قَاتِلٌ, قَارئٌ


أَلاَ تَشْرَبُونَ نَبِيذاً؟ سَأَلْتُ, سَنَشْرَبُ.


قَاُلوا. مَتَى تُطْلِقُونَ الرَّصاصَ عَلَيَّ؟ سَأَلْتُ


أجابوا: تَمَهَّلْ! وَصفُّوا الكُؤُوسَ وَرَاحُوا


يُغَنُّونَ لِلشَّعْبِ , قُلْتُ: مَتَى تَبْدَءونَ اغْتِيَالي؟


فَقَالُوا: ابْتَدَأنَا ... لمَاذَا بَعَثْتَ إلَى الرُّوحِ


أَحْذِيَةً! كَيْ تَسيِرَ عَلَى الأَرْضِ , قُلْتُ


فَقَالُوا: لِمَاذَا كَتَبْتَ القَصيِدَةَ بَيْضَاءَ والأَرْضُ


سَوْدَاءُ جِدَّاً


أَجَبْتُ: لأَنَّ ثَلاَثِينَ بَحْراًُ تَصُبُّ بِقَلْبِي


فَقَالوا: لِمَاذا تُحُبُّ النَّبِيذَ الفَرَنْسِيّ ؟


قُلْتُ: لأَنِّي جَدِيرٌ بأَجْمَل امْرأَةٍ


كَيْفَ تَطْلُبُ مَوْتَكَ؟


أَزْرَق مِثْل نُجُومٍ تَسِيلُ مِنَ السَّقْف – هَلْ


تَطْلُبُونَ المَزِيدَ مِنَ الخَمْر؟


قَالوا: سَنَشْرَبُ


قُلْتُ : سَأَسْأَلُكُمْ أَنْ تَكُونُوا بَطِئِين, أَنْ تَقْتُلُوني


رُوَيْداً رُوَيْداً لأَكْتُبَ شعْراً ...